الانتصار الكبير في الزمن الصعب!- 5

الانتصار الكبير في الزمن الصعب !! (5)

الرؤية السعودية للشرق الأوسط

لقد رسم الغرب رؤيته للشرق الأوسط وفقاً لتصوره القائم على إضعاف الحكومات! ، وتشجيع الثورات! ، وفرض القيم الغربية التي يتشدق بها! ، كالديمقراطية! والحرية! ، وتمكين المرأة – وفق الرؤية الغربية التي تريدها متمردة على الدين والقيم-!، ودعم الأحزاب المتناحرة! ، والأقليات الساخطة على مجتمعاتها! ؛ ليسهل اختراق المجتمعات! ، ودعم التوجهات التي تسير في ركاب التوجه الغربي!.

 ولكن هذه الخطة الغربية وجدت أمامها موقفاً حازماً يقارعها بالحقائق! ، ويواجهها بالوقائع! ، وينازلها في ميادين التسلل والتخفي ! ، ويرفضها جملة وتفصيلاً ، قولاً وفعلاً ، لا لأنها غربية المصدر فحسب ، بل لأنها تريد الإضرار بالمجتمعات العربية ، وتقويض أمنها ، وزعزعت استقرارها!.. إنه الموقف السعودي ، والرؤية السعودية لمنطقة الشرق الأوسط!.. هذا الموقف ، وهذه الرؤية رُسمت في مصنع القرار السياسي السعودي بامتياز! ، كان مُقرها الأول وداعمها الأبرز خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية! ، وراسم خيوطها ، وواضع تفاصيلها ، وقائد بوصلتها هو الشهم الهمام ، والبطل المقدام ، سمو ولي عهد المملكة ، وابنها البار : سمو الأمير محمد بن سلمان الذي أتى الله به على قَدَرٍ ؛ ليفجأ الغرب في أحلامه الوردية! ، وأوهامه المحمَّلة بالأحقاد والأطماع في تمزيق العرب وإضعافهم ، والسيطرة على خيرات بلدانهم ، ومقدرات أوطانهم!.

لقد كانت بعض الدوائر الغربية تتهم القيادات العربية بالشيخوخة والكبر ، وعدم قدرتها على مجاراة رغبات الشعوب وحاجاتها!.. فكانت الرؤية السعودية واقعاً ملموساً ، وتحركاً مدروساً ، يلمسه القريب! ، ويشاهده البعيد! ، ويعيشه المواطن والمقيم! ، ويتفاعل معه الجار والقريب والصديق!.

  إنه رؤية مرسومة تشمل الوطن ! والمحيط العربي والإسلامي ، تتضافر فيها الجهود! ، وتتلاقى فيها المصالح ، وتتحد فيها رؤى القيادات الراغبة في بناء أوطانها! ، وتحقيق أمنها واستقرارها ورخاء بلدانها!.

رؤية تقول لكل باحث عن النماء والتطور والازدهار مرحباً وأهلاً سواءً كان عربياً ، أو غربياً ، أوشرقياً ، أو من أي جهة على وجه الأرض! بشرط أن يحترم سيادة الوطن العربي كله! ، وأن يتخلى عن دعم الإرهاب والتطرف ، وجميع الجهات التي تعمل ضد أوطانها تحت أي ذريعة كانت!.

إن الرؤية السعودية للشرق الأوسط التي أعلنها سمو الأمير محمد بن سلمان بكل صراحة ووضوح في  منتدى « مبادرة مستقبل الاستثمار » المنعقد في الرياض في شهر صفر 1440ه الموافق 23 – 25 أكتوبر 2018م ، حيث قال سموه : « أنا أعتقد أن أوربا الجديدة هي الشرق الأوسط … وسوف تكون النهضة القادمة في العالم في الثلاثين سنة القادمة في الشرق الأوسط إن شاء الله ، هذه حرب السعوديين! ، هذه حربي التي أخوضها شخصياً !، ولا أريد أن أفارق الحياة إلا وأرى والشرق الأوسط في مقدمة مصاف العالم ، وأعتقد أن هذا الهدف سوف يتحقق 100% ».

إن هذه الرؤية الطموحة ، والتي يقودها شاب مؤمن طموح ، معتز بدينه وعروبته! ، واثق بالله أولاً ، ثم بقدرات شعبه ، وأبناء أمته العربية والإسلامية ، هي في الحقيقة خطة تنمية وإعمار!، وتطور وازدهار! ، فهي رؤية صادّة رادّة لرؤية الغرب القائمة على إضعاف المجتمعات العربية!، وتفتيتها ، وإشغالها بالفوضى التي لا تتيح لها فرصة البناء والتطور ، ولا تعطيها مهلة للرخاء والازدهار.

كما أن الرؤية السعودية التي يقوم عليها صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان وفقه الله ليست رؤية اقتصادية فحسب ، بل هي رؤية شاملة في جميع مناحي الحياة : الاجتماعية ، والفكرية ، والاقتصادية ، والتنموية ، ومن أبرز الأمثلة على أهمية هذه الرؤية السعودية محلياً وإقليمياً ودولياً ما قامت به القيادة السعودية من إنشاء المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف ، وهو مركز عالمي مهمته مكافحة التطرف واجتثاث جذوره ، والتصدي له ، وتعزيز التسامح والتعايش بين الشعوب،

وقد أُعلن عن تأسيسه في يوم الأحد 24 شعبان 1438ه الموفق 21 مايو 2017م ،  خلال انعقاد القمة العربية الإسلامية الأمريكية في الرياض ، ودشنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقادة الدول العربية والإسلامية ، ومقره الرياض ، ويُعد أول مركز مهتم بثقافة الاعتدال الفكري ، حيث يتم من خلاله رصد وتحليل الفكر المتطرف ، والتفاعل المباشر والسريع مع نتائج الرصد والتحليل ، وذلك بالتعاون مع شبكات إقليمية ودولية.

وأبرز المهام المناطة بالمركز هي :

  1. محاربة الغلو والتطرف فكريًا وإعلاميًا ورقميًا ، وتعزيز التعايش والتسامح بين الشعوب.

  2. ترسيخ المبادئ الإسلامية المعتدلة وبيانها ونشرها عالمياً .

  3. رصد وتحليل نشاطات التطرف والغلو ، والوقاية منها ، والتوعية بأخطارها على كافة المجتمعات ، والشراكة في مواجهة فكر التطرف والغلو.

ومما يحسب للمملكة أنها أنشأت هذا المركز العالمي خلال 30 يومًا فقط.

لقد أولت الرؤية السعودية مكافحة فكر التطرف والغلو أهمية قصوى ؛ لأنه الشماعة التي يبني عليها أعداء الإسلام مبرراتهم في استهداف العالم العربي والإسلامي ، وهو الداء الذي ينخر جسد الأمة ويفتُّ في عضدها!.

إن من المؤسف حقاً أن الغرب يتعامل مع المنظمات الإرهابية كأداة يبتزُّ بها الدول العربية والإسلامية! ، فهو يجنّد تلك المنظمات من حيث لا تشعر! ، ويخترقها عبر مخابراته! ، ويرصد توجهاتها! ، ويقرأ تصوراتها ومخططاتها! ، ويعلم أن هدفها الأول ، وعداءها الأكبر موجه ضد الحكومات والمجتمعات الإسلامية! ، ومع كل هذا فهو يوجه التهم للحكومات والشعوب الإسلامية بالإرهاب والتطرف! رغم الجهود المبذولة في مكافحة فكر التطرف والغلو.. بل إن الغرب أحياناً يتبنى الجماعات المتطرفة ، ويدعمها! ، ويغذي أسباب وجودها! ؛ لتبقى وسيلة تبرير له في دعواه ضد الحقيقة الواضحة ، والدليل الساطع على وسطية واعتدال المجتمع الإسلامي ، ورغبته في التعايش السلمي ، والتلاقي الحضاري بما يخدم البشرية جمعاء!.. ولكن الغرب إذا اضطرته الظروف الداخلية أو الخارجية قضى على تلك المنظمات بين ليلة وضحاها!.

لقد حققت الرؤية السعودية مدعومة بموقف الأشقاء العرب ، وفي مقدمتهم دولة الإمارات العربية الشقيقة نصراً كبيراً في مواجهة المخطط الغربي الذي تبنى الفوضى الخلاَّقة في المجتمعات العربية! ، ودعم الثورات التي قامت بدون أي رؤية أو هدف سوى الرغبة الجامحة في الوصول للسلطة  والانتقام من القيادة الحاكمة ، مهما كانت تلك القيادات حريصة على شعوبها ، وقائمة بواجباتها بقدر الوسع والطاقة ، وساعية في تحقيق طموحات أبنائها وفق رؤية تعالج الخلل الحاصل ، وتطور العمل المؤسسي ليتواءم مع متطلبات المرحلة واحتياجاتها.

وما زال للنصر الكبير حكاية تُروى في حلقة أخرى إن شاء الله!.

الثلاثاء 3 صفر 1444ه.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Search this website
ترجمة - Translate